كتاب “حوران أرض الثورات المنتصرة” للدكتور خالد صالح المسالمة

من مدينة درعا عاصمة حوران، الواقعة في جنوب الجمهورية العربية السورية إنطلقت ثورة الحرية والكرامة في ظهر يوم 18 مارس من عام 2011 . وهي بذلك تفتح صفحة جديدة من تاريخ سوريا الحديث، وتساهم في تكملة مسيرة الربيع العربي التي إنطلقت شرارتها الأولى من بلدة سيدي بوزيد في جنوب تونس. ومن هذه المدينة الخالدة، درعا، يجدد الأبناء سيرة الأباء والأجداد، ويساهم أبناء هذه المنطقة من جديد في صنع التاريخ والمستقبل من جديد. مرة أخرى يقف أبناء حوران الأبية صخرة صلدة في وجه الطغيان والإستبداد، ويحطمون بصمودهم الأسطوري الرائع غطرسة جلاوزة البعث ومرتزقة عائلة الأسد ومخلوف الحاقدة على الشعب منذ عقود. سقطت جمهورية الخوف، سقطت جمهورية الرعب، التي أسس لها وبناها الإنقلابي الطائفي حافظ الأسد. لقد تبددت جمهوريته الفاسدة وأصبحت أشلاء، وسقطت كل أوهام عصابات الشبيحة تحت ضربات وأقدام ملايين السوريين الثائرين على العصابة الطائفية المارقة.

حوران، هذه الأرض الطيبة من أرض العرب، كانت ولازالت حاضرة ومشاركة في كل معارك العرب التحررية. ومن أرض حوران تقرر مصير بلاد الشام ثلاثة مرات متتالية خلال القرن الأخير من الزمان. مرة في نهاية الحرب العالمية الأولى بعد أن ثارت حوران على الجيش العثماني وأنهت أسطورة الجيش الرابع العثماني، وتم بعد ذلك تحرير دمشق ودخولها دون قتال.

ومرة ثانية في نهاية الحرب العالمية الثانية عندما هبت حوران في وجه المستعمر الفرنسي وأجبرته على الرحيل عن أرض سوريا. وتكرر المشهد الثوري الملحمي للمرة الثالثة على أرض حوران بإنطلاق ثورة الحرية والكرامة عام 2011 على حكم الأسد الإستبدادي من درعا عاصمة الجنوب السوري الباسل وإنتشارها حتى عمت البلاد السورية.

ومن هذه الأرض الطيبة خرج زعماء سياسيون وقادة علم وفكر، من أمثال الإمام إبن الجوزي، والإمام محي الدين النووي، والشاعر الحوراني المعروف أبي تمام، والمؤرخ المشهور إبن كثير.

وعلى أرض حوران جرت معركة اليرموك الخالدة، وفيها حسم الصراع مع الروم على أرض الشام. وفي درعا وحوران أقام الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب أسبوعين ونصف الاسبوع، وإجتمع بقادة جنده في تل الجابية الواقع في غرب حوران قبل ذهابه لفتح مدينة القدس الشريف وتسلم مفاتيح المدينة المقدسة، وذلك بعد هزيمة الجيوش البيزنطية في معركة اليرموك في حوران وبلاد الشام. وعلى أرض حوران تهاوت السلطنة العثمانية وهزم جيشها الرابع الجرار. وفي درعا، وعلى أرض حوران ،وقعت آخر معارك الشعب السوري مع المستعمر الفرنسي، ومن هناك إجبرالمستعمر الفرنسي على حمل عصاه والرحيل عن أرض سوريا.

في هذه الدراسة محاولة لتسليط الضوء على كفاح جزء من الشعب السوري، وعلى جهاد جزء عزيز من الشعب العربي، ضد الغزاة والمستعمرين والطغاة. فهي محاولة لكشف وإدراك ما تم نسيانه أو تناسيه، لتكتمل الصورة الكفاحية لهذا الشعب الأبي. لن تكون هذه الدراسة، في أي شكل من الإشكال، إنتقاصاًمن كفاح أي فرد أو مجموعة أو محافظة من محافظات القطر السوري، الذي نعتز بالإنتماء إليه، ونجل أهله، بل هي إضافة من المعرفة لكفاح هذا الشعب السوري العظيم، الذي تم طمسه كفاحه وتجاوزه إنجازاته التاريخية بشكل ملفت وغير مبرر.

تتعدد الأسباب والدوافع، وتختلف عند الشروع في إنجاز أي مشروع علمي في أي مجال من المجالات. وهنا أيضا، ربما كان السبب المباشر ً في تسليط الأضواء على حوران وأهل حوران هو إنطلاق ثورة الحرية والكرامة السورية المشتعلة من درعا ومن أرض حوران. وربما السبب هو الإعجاب بهذا التضامن والإباء الذي أظهره أبناء حواران أثناء سير الإحتجاجات الشعبية منذ اليوم الأول لإنطلاقة ثورة الحرية والكرامة المباركة في .18 .03 2011 وحتى هذا اليوم. إن صورة التضامن
والتعاضد التي أظهرها أبناء هذا السهل الفسيح الخصيب عندما أنتفضت جموع الحوارنة وتجمعت أمام مداخل مدينة درعا لفك عنها الحصار الذي ضربته قوات عصابات الأسد على المدينة الباسلة لهو مثل يحتذا به في النخوة وعزة النفس والإباء.

وربماكان السبب في تسليط الأضواء على الأحداث التي جرت في سهول ووديان هذه المنطقة خلال المئة عام الأخيرة مرده الرغبة والفضول في معرفة شيئا ً عن تفاصيل أحداث جرت في هذه المنطقة في العقود والقرون الماضية، ولا زالت تفعل فعلها في الحاضر المعاش. أوربما الرغبة في تسجيل أحداث وروايات يتناقلها الناس في حوران بأحاديثهم اليومية عن الأيام الخوالي ولا تجد من يسطرها، على الرغم من أهميتها القصوى، وصحة حدوثها تاريخيا، هو السبب المباشر للشروع بهذا البحث. أو أن ً السبب يكمن في رغبة ذاتية مشروعة لها علاقة في هوى الكاتب في تسليط الأضواء على مكان مألوف لديه، وإناس يعرفهم ويعرف أمزجتهم وثقافتهم حق المعرفة.

نبذة موجزة عن الكاتب الدكتور خالد صالح المسالمة:

الكاتب من مواليد الجمهورية العربية السورية ومقيم حالياً في ألمانيا الإتحادية. درس وتخرج من جامعة الرور في مدينة بوخوم الألمانية من كلية العلوم الإجتماعية والعلوم السياسية. حائز على إجازة الماجيستير وإجازة الدكتوراه في العلوم السياسية والعلوم الإجتماعية والتاريخ من نفس الجامعة. كاتب صحفي في القضايا السياسية الدولية والقضايا الإجتماعية. نشر عدد من المؤلفات والبحوث في المجالات الإجتماعية والعلاقات الدولية. شغل منصب مدير مكتب “تبادل الثقافات” بمدينة جيلزين كيرشن الألمانية، عمل كمدير لمركز الدراسات الألمانية ـ العربية في مدينة اسن الألمانية.
الكاتب هو المستشار السياسي للمؤتمر السوري الديمقراطي إعلان بروكسل.

لقراءة أو تحميل الكتاب من خلال الرابط التالي: